اللقاء بالإمام المهدي ع – الحكاية السابعة: في دعاء الفرج

 روى السيد رضي الدين عليّ بن طاووس في كتاب فرج المهموم، والعلامة المجلسي في البحار عن كتاب دلائل الشيخ أبي جعفر محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدّثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب، قال: تقلّدت عملاً من أبي منصور بن الصالحان، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري، فطلبني وأخافني.

فمكثت مستتراً خائفاً ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت على المبيت هناك للدعاء والمسالة وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيّم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان مما لم آمنه وخفت من لقائه له.

ففعل وقفل الأبواب وانتصف الليل، وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثت أدعو وأزور وأصلّي، فبينما أنا كذلك إذ سمعت وطأة عند مولانا موسى عليه السلام وإذا رجل يزور، فسلّم على آدم وأولي العزم ثم الأئمّة واحداً واحداً إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان، فعجبت من ذلك وقلت: لعلّه نسى أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل.

فلمّا فرغ من زيارته صلّى ركعتين، وأقبل إليّ عند مولانا أبي جعفر، فزار مثل الزيارة وذلك السلام وصلّى ركعتين، وأنا خائف منه إذ لم أعرفه ورأيته شاباً تامّاً من الرجال عليه ثياب بيض، وعمامة محنّك بها ذوابة وردى على كتفه مسبل.

فقال لي: يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج، فقلت: وما هو يا سيدي؟ فقال: تصلّ ركعتين، وتقول: (يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر، يا عظيم المنّ، يا كريم الصفح، يا مبتدئ النعم قبل استحقاقها، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كلّ نجوى، ويا غاية كلّ شكوى، يا عون كلّ مستعين، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها، يا ربّاه (عشر مرّات) يا سيداه (عشر مرات) يا مولاه (عشر مرّات) يا غايتاه (عشر مرّات) يا منتهى رغبتاه (عشر مرّات) أسألك بحقّ هذه الأسماء، وبحقّ محمد وآله الطاهرين الاّ ما كشفت كربي، ونفّست همّي، وفرّجت غمّي، واصلحت حالي).

وتدعو بعد ذلك بما شئت وتسأل حاجتك، ثم تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرّة في سجودك: يا محمّد يا عليّ، يا عليّ يا محمّد اكفياني (فإنّكما كافياي) وانصارني فإنّكما ناصراي، ولتضع خدّك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرّة: أدركني، وتكررها كثيراً وتقول: الغوث الغوث حتى ينقطع نفسك وترفع رأسك فانّ الله يكرمه ويقض حاجتك إن شاء الله تعالى.

فلمّا اشتغلت بالصلاة والدعاء خرج، فلمّا فرغت خرجت لابن جعفر لأساله عن الرجل وكيف قد دخل، فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة، فعجبت من ذلك وقلت: لعلّ باب هنا ولم أعلم فانبهت ابن جعفر فخرج إليّ من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله.

فقال: الأبواب مقفّلة كما ترى ما فتحتها، فحدّثته بالحديث، فقال: هذا مولانا صاحب الزمان وقد شاهدته مراراً في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس، فتأسّفت على ما فاتني منه، وخرجت عند قرب الفجر وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستتراً فيه، فما أضحى النهار الاّ وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسالون عنّي أصدقائي، ومعهم أمان من الوزير ورقعة بخطه فيها كلّ جميل.

فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان، فقلت: قد كان منّي دعاء ومسألة، فقال: ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان في النوم يعني ليلة الجمعة، وهو يأمرني بكلّ جميل ويجفو عليّ في ذلك جفوة خفتها، فقلت: لا اله الاّ الله أشهد انّهم الحق ومنتهى الصدق، رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي: كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلك وجرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الزمان عليه السلام.(16)

يقول المؤلف:

هناك أدعية تسمّى بأدعية الفرج، الأوّل هو المذكور آنفاً، والثاني هو الدعاء المروي في الكتاب الشريف الجعفريات، وهو انّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشكو إليه الحاجة، فقال: ألا أعلّمك كلمات أهداهنّ إليّ جبرئيل، وهي سبعة عشر حرفاً، مكتوبة على جبهة جبرئيل منها أربعة، وأربعة مكتوبة على جبهة ميكائيل، وأربعة مكتوبة على جبهة اسرافيل، وأربعة مكتوبة حول الكرسي، وثلاثة وثلاثون حول العرش، ما دعا بهنّ مكروب ولا ملهوف ولا مهموم ولا مغموم ولا من يخاف سلطاناً ولا شيطاناً الاّ كفاه الله عز وجل، وهي:

(يا عماد من لا عماد له، ويا سند من لا سند له، ويا ذخر من لا ذخر له، ويا حرز من لا حرز له، ويا فخر من لا فخر له، ويا ركن من لا ركن له، يا عظيم الرجاء، يا عزّ الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا مجمل يا منعم يا مفضل، أسأل الله الذي لا اله الاّ أنت الذي سجد لك سواد الليل، وضوء النهار، وشعاع الشمس، ونور القمر، ودويّ الماء، وحفيف الشجر، يا الله يا رحمن يا ذا الجلال والاكرام).

وكان عليّ بن أبي طالب عليه السلام يسمّي هذا دعاء الفرج.(17)

الدعاء الثالث ما رواه الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنة الواقية، وهو أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا رسول الله انّي كنت غنيّاً فافتقرت، وصحيحاً فمرضت، وكنت مقبولاً عند الناس فصرت مبغوضاً، وخفيفاً على قلوبهم فصرت ثقيلاً، وكنت فرحاناً فاجتمعت عليّ الهموم، وقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وأجول طول نهاري في طلب الرزق فلا أجد ما أتقوّت به، كأنّ اسمي قد محي من ديوان الأرزاق.

فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا هذا لعلّك تستعمل ميراث الهموم، فقال: وما ميراث الهموم؟ قال: لعلّك تتعمّم من قعود، أو تتسرول من قيام، أو تقلم أظفارك بسنّك، أو تمسح وجهك بذيلك، أو تبول في ماء راكد، أو تنام منبطحاً على وجهك؟ فقال: لم أفعل من ذلك شيئاً،(18) فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اتّق الله وأخلص ضميرك، وادع بهذا الدعاء، وهو دعاء الفرج:

(بسم الله الرحمن الرحيم، الهي طموح الآمال قد خابت الاّ لديك، ومعاكف الهمم قد تقطّعت الاّ عليك، ومذاهب العقول قد سمت الاّ اليك، فاليك الرجاء، واليك الملتجأ، يا أكرم مقصود، ويا أجود مسؤول، هربت اليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذنوب أحملها على ظهري، ولا أجد لي شافعاً سوى معرفتي بأنّك أقرب من رجاه الطالبون، ولجأ إليه المضطرّون، وأمّل ما لديه الراغبون.

يا من فتق العقول بمعرفته، وأطلق الألسن بحمده، وجعل ما امتنّ به على عباده كفاء لتأدية حقّه، صلّ على محمد وآله، ولا تجعل للهموم على عقلي سبيلاً، ولا للباطل على عملي دليلاً، وافتح لي بخير الدنيا والآخرة يا وليّ الخير).(19)

الدعاء الرابع ما رواه الفاضل المتبحّر السيد علي خان المدني في الكلم الطيب عن جدّه دعاءٌ للفرج وهو:

(اللهم يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعالاً لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدّرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء لا اله الاّ أنت يا مبدي يا معيد، لا اله الاّ أنت يا إله البشر، يا عظيم الخطر، منك الطلب واليك الهرب، وقع بالفرج يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني).(20)

ودعاء الفرج الخامس ما روي في كتاب مفاتيح النجاة للمحقق السبزوراي، وأوّله: (اللهم انّي أسالك يا الله يا الله يا الله يا من علا فقهر… الخ) وهو دعاء طويل.

 

الهوامش

(16) دلائل الإمامة: 304 – 306/ معرفة من شاهد الحجة عليه السلام في الغيبة وعرفه، عنه البحار 95: 200/ ح 33؛ وفرج المهموم: 245/ باب 10، والدعاء فيه يختلف قليلا عمّا في الدلائل. (17) الجعفريات: 248/ كتاب السنن. (18) هكذا في البحار وفي المتن الفارسي: (افعل من ذلك شيئاً). (المترجم). (19) راجع البحار 95: 203/ ح 37/ باب 106، عن كتاب جنة الأمان. (20) الكلم الطيب: 61.

شارك هذه:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *