الثاني: من الوكلاء والسفراء محمّد بن عثمان بن سعيد العمري الذي وثّقه ووثّق أباه الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأخبر شيعته بأنّه وكيل ابنه المهدي عليه السلام، فلمّا مات أبوه عثمان بن سعيد خرج توقيع من الإمام الحجة عليه السلام يشتمل على تعزيته لوفاة أبيه، وانّه النائب بعده والمنصوب من قبله عليه السلام، وعبارة التوقيع على ما رواه الصدوق وغيره بهذا النصّ:
قال عليه السلام:
(انّا لله وانّا إليه راجعون، تسليماً لأمره ورضاء بقضائه، عاش أبوك سعيداً ومات حميداً، فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه عليهم السلام، فلم يزل مجتهداً في أمرهم، ساعياً فيما يقرّبه إلى الله عز وجل واليهم، نضّر الله وجهه وأقاله عثرته… أجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء، رزئت ورزئنا، وأوحشك فراقه وأوحشنا.
فسرّه الله في منقلبه، وكان من كمال سعادته أن رزقه الله عز وجل ولداً مثلك يخلفه من بعده، ويقوم مقامه بأمره ويترحّم عليه، وأقول: الحمد لله فانّ الأنفس طيّبة بمكانك، وما جعله الله عز وجل فيك وعندك، أعانك الله وقوّاك وعضدك ووفّقك، وكان الله لك وليّاً وحافظاً وراعياً وكافياً ومعيناً).(17)
وهذا التوقيع الشريف خير شاهد على جلالتهما وعلوّ مقامهما.
وروى العلامة المجلسي (رحمه الله) أيضاً في البحار عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (رحمه الله)، عن جمع من الأصحاب انّه خرج توقيع من الناحية المقدّسة إلى محمّد بن عثمان بن سعيد العمري بعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد:
(والابن وقاه الله لم يزل ثقتنا في حياة الأب رضي الله عنه وأرضاه ونضّر وجهه، يجري عندنا مجراه ويسدّ مسدّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل، تولاّه الله…).(18)
وفي رواية أخرى عن الكليني انّه خرج توقيع بخطّ الإمام الحجة عليه السلام فيه:
(وأمّا محمّد بن عثمان العمريّ (رضي الله عنه) وعن أبيه من قبل، فانّه ثقتي وكتابه كتابي).(19)
وظهرت على يده دلائل ومعاجز كثيرة للشعية من قبل حجة الله عليه السلام، وكان في زمن الغيبة ملجأ ومأوى للشيعة ونائب الحجة عليه السلام.
وروي عن أمّ كلثوم ابنته انّها قالت: كان لأبي جعفر محمّد بن عثمان العمري كتب مصنّفة في الفقه ممّا سمعها من أبي محمّد الحسن عليه السلام ومن الصاحب عليه السلام… (ثم قالت:) انّها وصلت إلى أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه)…(20)
وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بسنده عن محمّد بن عثمان بن سعيد انّه قال: والله انّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنة، فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.(21)
وفي رواية أخرى انّه سُئل عنه: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: (اللهم أنجز لي ما وعدتني).(22)
ورأيته صلوات الله عليه متعلّقاً بأستار الكعبة وهو يقول: (اللهم انتقم لي من أعدائي).(23)
الهوامش
(17) كمال الدين 2: 519/ ح 41/ باب 45، ونحوه في كتاب الغيبة: 219، عنه البحار 51: 349/ باب 16. (18) البحار 51: 349/ ح 2/ باب 16، عن كتاب الغيبة: 220. (19) راجع البحار 51: 350/ باب 16. (20) كتاب الغيبة: 221، عنه البحار 51: 350/ ح 3/ باب 16. (21) كمال الدين 2: 440/ ح 8؛ البحار 51: 350. (22) كمال الدين 2: 440/ ح 9؛ البحار 52: 30/ ح 23. (23) كمال الدين 2: 440/ ح 10.