ما هو المراد بـ«مصحف فاطمة»؟ وماذا عن الظلم الذي لحق بها عليها السلام، وهل تحضر مجالس المؤمنين؟ وكيف؟
ما هو المراد بمصحف فاطمة عليها السلام؟
المراد بمصحف فاطمة عليها السلام ما ورد في الروايات المعتبرة في (الكافي) أنّ ملكاً من الملائكة كان ينزل على الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها، ويُسلّيها ويُحدّثها بما يكون من الأمور، وكان عليّ عليه السلام يكتب ذلك الحديث، فسُمّي ما كُتب: مصحف فاطمة عليها السلام. فهو ليس قرآناً كما توهّم، ولا كتاباً مشتملاً على الأحكام، فإنّ هذا التوهّم مخالف للنصوص. ولا غرابة في حديث الملائكة مع الزهراء عليها السلام، فقد ذكر القرآن أنّ الملائكة حدّثت مريم ابنة عمران ﴿وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاكِ وطهّركِ..﴾ آل عمران:42، ومن المعلوم أفضليّة الزهراء على مريم ابنة عمران، كما ورد في النصوص المُعتبرة، من أنّ مريم سيّدة نساء عالمها، وأنّ فاطمة سيّدة نساء العالمين.
هل هناك خصوصيّة للزهراء عليها السلام في خلقتها، وبالنسبة إلى المصائب التي جرت عليها بعد أبيها صلّى الله عليه وآله، مِن ظُلم القوم لها، وكسر ضلعها وإسقاط جنينها؟
نعم، فإنّ خلقتها كخلقة سائر الأئمّة سلام الله عليهم أجمعين بلطف من الله سبحانه وتعالى، حيث ميّزهم في خلقهم عن سائر الناس، بما أنّه يعلم أنهم يعبدون الله ويُخلصون الطاعة له، وخصّص في خلقتهم خصيصة يمتازون بها عن سائر الخلق، كما يشهد بذلك خلقه عيسى عليه السلام، حيث تكلّم وهو في المهد، ﴿قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً﴾ مريم:30. وكانت فاطمة عليها السلام في بطن أمّها محدّثة، وكانت تنزل عليها الملائكة بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله، ويشهد بذلك الروايات المتعدّدة، منها صحيحة أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليها السلام قال: «إنّ فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل عليها السلام فيُحسن عزاءها على أبيها، ويُطيِّب نفسها، ويُخبرها عن أبيها ومكانه، ويُخبرها بما يكون بعدها في ذريّتها، وكان عليّ عليه السلام يكتب ذلك»، وكذا غيرها من الروايات الواردة في المقام.
وأمّا ما جرى عليها من الظلم فهو متواترٌ إجمالاً، فإنّ خفاء قبرها عليها السلام إلى يومنا هذا، ودفنها ليلاً بوصّة منها شاهدان على ما جرى عليها بعد أبيها، مضافاً إلى ما نقل عن عليّ عليه السلام من الكلمات (في الكافي ج 1 – ح 3 – باب مولد الزهراء عليها السلام من كتاب الحجة) حال دفنها قال: «وستُنبئك ابنتك بتظافر أمّتك على هضمها. فأحفها السؤال واستخبرها الحال، فكم من غليلٍ مُعتَلجٍ بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين»، وقال عليه السلام: «فبعين الله تُدفن ابنتُك سِرَّاً، وتُهضَم حقّها، وتُمنع إرثها جهراً، ولم يتباعد العهد، ولم يخلُقْ منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المُشتكى».
وبسند مُعتبَر عن الكاظم عليه السلام قال: «إنّ فاطمة عليها السلام صدِّيقة شهيدة»، وهو ظاهر في مظلوميّتها وشهادتها، ويؤيّده أيضاً ما في البحار (ج 43 باب 7 رقم 11) عن (دلائل الإمامة) للطبري بسند مُعتبر عن الصادق عليه السلام: «.. وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً».
هل يجوز الاعتقاد بأنّ الصدِّيقة الطاهرة السيّدة الزهراء عليها السلام تحضر بنفسها في آنٍ واحد في مجالس متعدّدة؟
الحضور بصورتها النوريّة في أمكنة متعدّدة في زمان واحد، لا مانع منه، فإنّ صورتها النوريّة خارجة عن الزمان والمكان، وليست جسماً عنصريّاً ليحتاج إلى الزمان والمكان، والله العالم.
المصدر: مجلة شعائر