الأوّل: عثمان بن سعيد العمري الذي كان الإمام عليه السلام يثق به كثيراً، وكان معتمداً عند الإمام عليّ النقي والإمام حسن العسكري ووكيلهما في حياتهما، وكان أسديّاً يُنسب إلى جدّه جعفر العمري، ويقال له السمّان أيضاً أي بيّاع الزيت، واشتغل بهذا الشغل تقية من أعداء الله وإخفاءً لأمر السفارة، وكانت الشيعة تسلّم إليه الأموال التي يأتون بها للإمام الحسن العسكري عليه السلام، فكان يضعها في ماله ثم يأتي بها إلى الإمام الحسن.
وجاء في رواية أحمد بن إسحاق القمي من أجلاّء علماء الشيعة، قال: دخلت على أبي الحسن عليّ بن محمّد (الهادي) صلوات الله عليه في يوم من الأيام، فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلّ وقت فقول من نقبل ومن نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّيه.
فلمّا مضى أبو الحسن عليه السلام وصلت إلى أبي محمّد ابنه الحسن العسكري عليه السلام ذات يوم، فقلت له مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدّيه.(14)
ونقل العلامة المجلسي في البحار عن جمع من ثقات أهل الحديث، انّ جمعاً من أهل اليمن جاؤوا إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام ومعهم أموال، فقال عليه السلام: امض يا عثمان فانّك الوكيل والثقة المأمون على مال الله، واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال.
فقال أهل اليمن: يا سيدنا والله انّ عثمان لمن خيار شيعتك، ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك، وانّه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى، قال: نعم واشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وانّ ابنه محمّداً وكيل ابني مهديّكم.(15)
وروي في البحار أيضاً بسنده انّه لمّا مات الحسن بن عليّ عليه السلام حضر غسله عثمان بن سعيد رضي الله عنه وأرضاه، وتولّى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه وتقبيره مأموراً بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها ولا دفعها الاّ بدفع حقائق الأشياء في ظواهرها.
وكانت توقيعات صاحب الأمر عليه السلام تخرج على يدي عثمان بن سعيد، وابنه أبي جعفر محمّد بن عثمان إلى شيعته وخوّاص أبيه أبي محمّد عليه السلام بالأمر والنهي، والأجوبة عمّا تسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن عليه السلام…(16)
وهكذا كان الأمر في باقي السفراء والوكلاء.
الهوامش
(14) كتاب الغيبة: 215، عنه البحار 51: 344/ باب 16. (15) البحار 51: 345، عن كتاب الغيبة: 216، باختلافٍ. (16) البحار 51: 346/ باب 16.