من تكاليف العباد في ظلمات الغيبة، التضرّع إلى الله تعالى ومسألته أن يحفظ إيمانهم من تطرّق شبهات الشياطين وزنادقة المسلمين، وقراءة الأدعية الواردة في هذا الباب، منها الدعاء الذي رواه الشيخ النعماني والكليني بأسانيد متعدّدة عن زرارة انّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: انّ للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت: ولم؟ قال: يخاف _ وأومأ بيده إلى بطنه _.
ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشكّ في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلفٍ، ومنهم من يقول: حملٌ، ومنهم من يقول: انّه ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر، غير انّ الله عز وجل يُحبّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة.
قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل؟ قال: يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء:
(اللهم عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهم عرّفني رسولك فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرّفني حجتك فانّك إن لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني).(5)
ومنها دعاء طويل أوّله هذا الدعاء المذكور، ثم بعده: (اللهم لا تمتني ميتة جاهلية، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني) إلى آخر الدعاء، وقد ذكرناه في ملحقات كتاب مفاتيح الجنان، وذكره أيضاً السيد ابن طاووس في جمال الأسبوع بعد الأدعية المأثورة بعد صلاة العصر من يوم الجمعة، ثم قال: ذكر دعاء آخر يدعى له صلوات الله عليه به، وأوّله يشبه الدعاء المتقدّم عليه، وهو ممّا ينبغي إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب لعصر يوم الجمعة، فايّاك أن تهمل الدعاء به فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جل جلاله الذي خصّنا به، فاعتمد عليه.(6)
يقول المؤلف:
ونُقل ما يقرب من كلام السيد ابن طاووس في ذيل الصلوات المنسوبة إلى أبي الحسن عليه السلام عن الضراب الاصفهاني، فقال: ويظهر من هذا الكلام الشريف انّه حصل للسيد شيء من صاحب الأمر عليه السلام، وهذا منه غير بعيد.
ومنها الدعاء الذي رواه الشيخ الصدوق عن عبد الله بن سنان انّه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها الاّ من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟
قال: يقول: (يا الله يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك) فقلت: (يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك) قال: انّ الله عز وجل مقلّب القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول لك: (يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك).(7)
الهوامش
(5) الكافي 1: 337/ ح 5؛ وكذلك: 342/ ح 9؛ والغيبة للنعماني: 166/ ح 6، وفيه بعض الاختلاف. (6) جمال الأسبوع: 521. (7) كمال الدين 2: 352/ ح 49؛ البحار 52: 149/ ح 73.