الإمام السادس – الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)

  هو أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق بن محمد بن علي، وقد نص على إمامته أبوه محمد الباقر، ولقبه النبي (ص) بالصادق. ولد عليه السلام بالمدينة في 17 من ربيع الأول وقيل في مطلع رجب من سنة 83 للهجرة وقيل 80 للهجرة. واستشهد في 25 شوال سنة 148 للهجرة. ودفن في البقيع بالمدينة المنورة مع أبيه وجده. وكان أعلم أهل زمانه لا يضاهيه أحد فيه لأنه ورث العلوم عن لآبائه وجده رسول الله (ص) ولقد نقل العلماء عنه من العلوم ما لم ينقلوه من غيره ولا روي من الأحاديث عن أحد بكثرة ما روي عنه عليه السلام. ولقد أحصى أصحاب الحديث أسماء الثقاة من الرواة الذين رووا عنه فكانوا أربعة آلاف. وروي عنه راوٍ واحد ثلاثين ألف حديث، وروى عنه جل العلماء الذين كانوا في عصره ومنهم المذاهب الأربعة ( مالك بن أنس، أحمد بن حنبل، محمد بن إدريس الشافعي، وأبو حنيفة) وكلهم رووا عنه ولم يروِ هو عن أحد، ولأجل ذلك صارت مدرسته مذهبا للشيعة لأنهم رووا عنه أكثر من غيره من الأئمة. وأن جابر بن حيان مؤسس علم الكيمياء تلميذه وعنه أخذ هذا العلم، فقد أملى الصادق عليه السلام خمسمائة رسالة في علم الكيمياء.
وقد أجمع واصفوه بأنه لُقب بالصادق لأنه عُرِفَ بصدق الحديث والقول والعمل حتى أصبح حديث الناس في عصره. وقال فيه ابن الحجاج:

يا سيدأً أروي أحاديثه
رواية المستبصر الحاذق
كأنني أروي حديث النبي
محمد عن جعفر الصادق

وكانت الرحال تشد إليه للمناظرة. وكان عابداً زاهداً كريما. وله الأدعية المأثورة عنه.

وأما كرمه … فقد كان عليه السلام لا يأتيه أحد يسأله إلا أعطاه. وكان يرسل الصرر من الدراهم إلى الفقراء ولا يعرفهم بنفسه. وقد كان كثير العفو حسن الأخلاق حتى قال فيه أحد المعاصرين له عبدالله بن المبارك:

أنت جعفر فوق
المدح والمدح عناء
إنما الأشراف أرض
ولهم أنت سماء
جاز حد المدح من
قد ولدته الأنبياء

ولقد ساعده على نشر علومه الاختلاف الذي وقع في أواخر الدولة الأموية بين الأمويين أنفسهم وبين الأمويين والعباسيين فصار له المجال في نشر أحاديث جده وآبائه.

ولقد واجه الإمام جعفر الصادق (ع) في أيام المنصور من المحن والشدائد ما لم يواجه في العهد الأموي، وكان وجوده ثقيلاً عليه لأنه أينما ذهب وحيثما حل يراه حديث الجماهير، ويرى العلماء وطلاب العلم يتزاحمون عليه من كل حدب وصوب على بابه في مدينة جده رسول اله (ص) ويزودهم بالتعاليم الحقه ويلقي عليهم من دروسه وإرشاداته، وكانت الدعوة إلى الحق وماصرة العدل ومساندة المظلوم واجتناب الظلمة الذين تسلطوا على الأمة واستبدوا بمقدراتها وكرامتها، واستهتروا بالقيم والأخلاق كانت هذه النواحي تحتل المكانة الاولى في تعاليمه وإرشاداته.

وقبيل وفاته (ع) نص على إمامة ولده موسى بن جعفر وأرشد أصحابه إليه كما تواترت بذلك النصوص الصحيحة. وكان إستشهاده في شوال من سنة 148 وقيل في النصف من رجب عن ثمانية وستين سنة وقيل أكثر من ذلك. وإليه (ع) نسب المذهب الجعفري.

أهذا جزاء المصطفى عن رسالة
مودة قرباه لها جعلت أجرا
قضت آله بالقتل والسم غيلة
ومنهم بأعماق السجون قضوا صبرا
(قبور بكوفان وأخرى بطيبة)
وأخرى بزوراء العراق و”سامراء”
وطوس وما أدراك ما طوس قد حوت
أشدهم خطباً وأبعدهم قبرا
ولم يشتف المنصور منهم ولا انطفئت
ضغائن في أحشائه اتقدت جمرا
فلم تثنه عن “جعفر بن محمد”
وشائج أولاها القطيعة والهجرا

شارك هذه: